دبي - الأسواق.نت
يستطيع المهندس السعودي صبحي بترجي أن يقرأ المؤشرات "الربحية" للمستشفى السعودي الألماني من خلال 4000 لوحة إرشادية موزعة في المستشفيات الأربعة في جدة، عسير، الرياض، المدينة المنورة؛ والتي حققت له العام الماضي مبيعات سنوية قدرها 600 مليون ريال سعودي.
اللوحات الإرشادية تلك وضعت فيها أرقام هاتفه الجوال، إلى جانب كبار المديرين والمسؤولين، وتم توزيعها على الممرات، غرف التنويم الداخلي، أماكن الانتظار، لتنقل إليه نبض المريض السعودي، والشكوى التي يعاني منها داخل مستشفياته، إلى جانب سير العمل في المستشفيات تلك، مما ساعده كما يقول على تقديم أفضل خدمة نوعية ممكنة للمرضى.
ساخن جدا
ولكن هل يمكن لبترجي أن يطبق نظام "الخط الساخن" في جميع المشاريع المستقبلية؟ فشركة (بيت بترجي الطبية) التي تملك مجموعة مستشفيات السعودي الألماني لديها خطط لإنشاء 10 مستشفيات بتكلفة إجمالية قدرها 400 مليون دولار، أحدها في مدينة حائل السعودية بتكلفة 50 مليون دولار، ويستوعب 150 سريرا، وقد بدأ العمل في بنائه في أكتوبر/ تشرين الأول 2006، ويتوقع إنجازه في نهاية عام 2009، و7 مستشفيات في دبي بتكلفة 200 مليون دولار ضمن مدينة طبية متكاملة، إلى جانب مستشفى واحد في العاصمة المصرية القاهرة بـ100 مليون دولار، وآخر في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بـ50 مليون دولار وبسعة 150 سريرا.
وفي حوار صحفي معه أجرته الزميلة خلود العميان من مجلة (Forbes العربية) أشار بترجي إلى أن إجمالي استثمارات (مجموعة البترجي) يبلغ اليوم 4.2 مليار ريال (1.1 مليار دولار)، موزعة بواقع 3.7 مليار ريال (1 مليار دولار) في القطاع الصحي بما في ذلك المستشفيات القائمة والجديدة، و469 مليون ريال (120 مليون دولار) في مجال التعليم الطبي. ولكن صبحي الذي يرفض الإفصاح عن مداخيل المجموعة على اعتبار أنها شركة عائلية غير ملزمة بالإفصاح عن نتائجها المالية، يقول "حققنا مبيعات سنوية وصلت إلى 600 مليون ريال (160 مليون دولار) نهاية عام 2006 و540 مليون ريال (144 مليون دولار) عام 2005".
أعطوني قطعة أرض خليجية
خليجيا، يواجه المستشفى السعودي الألماني إشكاليات في الحصول على أراضٍ لإقامة المستشفيات عليها. يقول بترجي "على الرغم من كبر مساحة الوطن العربي، ما زالت حكوماتنا تقدم الأراضي للمصانع والمنشآت الصناعية بالمجان، وتبخل على الصحة والتعليم وهما أساس التنمية". ورغم ذلك، تعتبر أكبر مشاريعها حاليا في المحيط الخليجي ومنها مشروع المستشفيات السبعة في منطقة البرشاء في دبي الذي تبلغ تكلفته 200 مليون دولار، ويقام بالشراكة مع (الشركة الإسلامية للتمويل)، وهي شركة إماراتية يملكها مجموعة من المستثمرين، ويرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال الإماراتي علي الغيث، حيث تملك هذه الشركة 49% من المشروع.
وفي المقابل تجري (مجموعة البترجي) حاليا مفاوضات مع عدد من البنوك الإسلامية يتصدرها (مصرف الإمارات الإسلامي)، للدخول كشركاء في هذا المشروع الذي يتم تنفيذه على مرحلتين وعلى مساحة تبلغ 900 ألف قدم مربع. المرحلة الأولى مستشفى عام يشمل كل التخصصات، والمرحلة الثانية 6 مستشفيات تشمل التخصصات: جراحة العمود الفقري، جراحة القلب المفتوح، مستشفى للنساء، مستشفى للأطفال، وآخرين للعيون وللأمراض الباطنية. علما أن كل مستشفى يتسع لـ50 سريرا. ومن المتوقع الانتهاء من المرحلة الأولى في شهر يونيو/حزيران 2008. وسيوفر هذا المشروع لسوق العمل في المنطقة خلال المرحلة الأولى 1500 فرصة عمل في مجال الطب، في حين سيوفر 40 ألف فرصة عمل بعد انتهاء المرحلة الثانية.
مرض يؤدي إلى "امبراطورية"
جذور عائلة البترجي في مجال الطب عميقة، "كنا نلعب بين صناديق الأدوية"، هكذا يتحدث صبحي عن أيام طفولته هو وأشقاؤه وأبناء عمومته في بيت الجد الذي كان من أوائل من عملوا في استيراد الأدوية إلى السعودية عام 1945. فعندما مرض أحد أبنائه، بحث عن دواء يشفيه في المملكة فلم يجده، ما خلق لديه اهتماما بمجال الأدوية أدرك معه مدى حاجة السوق السعودية إليها، واستطاع لاحقا مع أبنائه الحصول على وكالات 30 من شركات الأدوية العالمية، ليستمر الأحفاد فيما بعد على خطاه وصولا إلى صبحي وخالد.
عندما ذهب صبحي إلى ألمانيا في يناير/كانون الثاني 1985 لتوقيع عقد مع شركة ألمانية لتنفيذ المستشفى الأول، طلبت منه زيادة قدرها 10% على تكلفة المشروع المتفق عليها منذ البداية، وذلك بسبب الزيادة التي طرأت على سعر صرف المارك الألماني. رفض بترجي توقيع العقد وأخذ يبحث عن شركة بديلة ترضى بالسعر الذي وضعه. جاءته شركة باكستانية، وحصلت على مبلغ 15 مليون ريال (4 ملايين دولار) كدفعة أولى لتنفيذ المشروع في جدة، حيث بدأت في تنفيذ المشروع في شهر يونيو/حزيران من العام نفسه. لكن، وبعد شهرين على بَدء العمل، فر المدير المسؤول بالمبلغ، تاركا العمال بدون أجور.
صبحي بترجي لم يدرس الطب، بل الهندسة الكهربائية حيث انتهى من دراستها في جامعة كانساس الأمريكية في عام 1972، قبل أن يحصل على شهادة الماجستير من جامعة كولورادو في 1973. لقد تولى عملية الإشراف على المهندسين والعمال بعد فرار المدير المسؤول، وقام بدفع رواتبهم على مدى 3 سنوات حتى انتهاء المشروع في 1988، وبلغت تكلفة مستشفى الأول للمجموعة 123 مليون ريال سعودي (33 مليون دولار)، تم تمويلها من أموال العائلة الخاصة بواقع 73 مليون ريال (19.5 مليون دولار) موزعة على 6 أفراد من عائلة عبد الجليل البترجي، بمن فيهم الوالدان وشقيقتا خالد وصبحي، فيما تم الحصول على 50 مليون ريال (13.5 مليون دولار) كقرض طويل الأجل من وزارة المالية السعودية التي تقوم بتقديم الدعم للقطاع الخاص في مجال الصحة.
عائلة بترجي تربح من عائلة بترجي
خلال السنوات السبع اللاحقة، أخذ صبحي بترجي يستفيد من خبرته المكتسبة في بناء المزيد من المستشفيات، حيث استعان بالفريق نفسه الذي قام ببناء المستشفى الأول. لقد أنجز الخطة التي سعى إلى تنفيذها، وباتت مجموعته تمتلك شركة مقاولات خاصة تنفذ مشروعاتها وهي (شركة إنشاء المستشفيات الدولية المحدودة) التي لا تنفذ أي مقاولات خارجية، حيث أنشئت خصيصا لتنفيذ مشروعات المجموعة فقط كما يقول صبحي، وكأن المسألة كما يقول المثل "من الجيب إلى الجيب". هنا يكمن سر النمو السريع لمجموعة البترجي، فهي تقوم بتطوير مستشفياتها بنفسها، ما يجعل من تكلفة المشروعات أقل بالنسبة إليها. كما أن الاستثمار في القطاع الطبي أكثر جدوى في المرحلة المقبلة حيث تشير دراسة شركة (بوز آلن هاملتون) بأن الطلب على أسرة المستشفيات سيرتفع من 51 ألف سرير إلى 70 ألفا خلال السنوات المقبلة، وهناك أسباب عدة تدفع مخططي وزارة الصحة إلى توقع هذا الارتفاع الكبير في الاحتياجات الصحية، منها توقعات ارتفاع معدل أعمار السعوديين، حيث تسجل نسبة السكان الذين تتخطى أعمارهم الستين ارتفاعا متناميا، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة إلى أكثر من الضعف بحلول سنة 2020 في حين أنه من المتوقع أن يرتفع عدد المسنين من حوالي مليون (4% من السكان) إلى حوالي 2.5 مليون (7% من السكان). وفي الوقت عينه ومع ارتفاع المداخيل سوف يزداد إنفاق السعوديين على خدمات الرعاية الصحية.
30 مستشفى في 2010
بحلول 2010 تطمح (مجموعة البترجي) للوصول إلى "تصميم وإنشاء وتمويل وإدارة وتشغيل 30 مستشفى عالميا، توفر 50 ألف فرصة عمل" حسب صبحي، كما تأمل المجموعة في أن تكون الرائدة إقليميا في مجال التعليم الطبي الخاص، من خلال تأسيس 5 جامعات طبية بحلول 2015، علما أن الطلب على الأطباء في السوق السعودية سيرتفع من 40 ألف طبيب إلى 54 ألفا، بينما سيرتفع عدد المستشفيات من 364 إلى 502 وفق دراسة (بوز ألن هاملتون). وستساعد (جامعة البترجي) التي ستكون مؤلفة من 9 كليات في توفير مزيد من الكفاءات التي ستكون لها الأولوية في العمل في مستشفيات المجموعة، علما أن هذه الكليات ستكون موزعة على مدن جدة، الرياض، دبي، صنعاء، القاهرة، حيث تستقبل كل جامعة 4 آلاف طالب، وذلك بالتعاون مع جامعة (توبنجن) الألمانية وكلية طب نبراساكا في الولايات المتحدة الأمريكية والكلية الملكية للأطباء والجراحين في أيرلندا، إلى جانب التعاون مع جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وجامعة أم القرى في مكة المكرمة، وجامعة القاهرة، والجامعة الدولية الطبية في ماليزيا.
10 مستشفيات للفقراء
تسعى عائلة آل بترجي إلى تبني مفهوم جديد يطلق عليه اسم "التجارة مع الفقراء". ويقول "نهدف بذلك إلى تقديم خبرة وإمكانات المجموعة لمساعدة دول أخرى على بناء مستشفيات تقدم خدمات بسعر التكلفة، وفي تخصصات بسيطة مثل الولادة، الأسنان والعمليات البسيطة كالزائدة والمرارة". كما أن المجموعة بصدد بناء 10 مستشفيات من هذا النوع بسعة 50 سريرا فقط لكل مستشفى، تتوزع على عدة دول في إفريقيا، وذلك بالتعاون مع شركة (جنرال إلكتريك). وتسهم في تمويل هذه المستشفيات كذلك، جهات خيرية وبعض الصناديق التنموية والمؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي، البنك الإسلامي للتنمية الذي أبدى استعداده للمشاركة في المشروع، حسب صبحي بترجي
منقول